Friday, July 5, 2013

2) فــي صحتك يا وطن

دونتها اليوم ونشرتها على مدونتي الاصلية في سلسة قرأت لك وأضعها هنا لأنها في سياق الحوليات يوم من عمري :) 




للرواية قصة سأحكيها يوماً ما . هي آخر ما قرأت وكما تعلمون أني أهتم بأدب التدوين لأني أجده الموجة الأدبية القادمة التي ستكتسح كل أنواع الأدب وتغير من نمط الأدب القديم بشكل عام وتفرض قواعد جديدة تحطم كل القيود التي كبلت الكتاب فيما سبق 

الرواية لكاتبها محمد الجيزاوي جاءت في ٢١٦ صفحة متوسطة الحجم بطباعة  ونوعية ورق جيدة للغاية مريحة للعين في قراءتها بلا أخطاء لغوية تذكر ما عدا بعض الكلمات الغريبة بعض الشئ ولكني لا أستطيع الجزم بمدى صحتها لغويا لذا تحية للمدقق اللغوي محمد عبد الغفار.  حصلت عليها من مكتبة ديوان بجوار مكتبة   الاسكندرية ب ٢٠ جنيه وأعتقد أنها تستحق حتى لو بيعت ب ٥٠ جنيه :) فبعض الكتب تندم على شرائها والبعض لا يهمك لو دفعت بعدد كلماتها نقود 
الرواية لدار ليلى للنشر والتي بالفعل تثبت في اختياراتها أنها تنشر لمن يستحق 

الغلاف لميار الشحات التي أبدعت فيه حقيقة فهو يلخص محتوى الرواية كاملا ببراعة فيكفي أن تنظر لذاك الشاب الذي هزمته الأيام فتحتار هل هو عجوز مسن أم شاب في مقتبل العمر وانحناءة ظهره التي تدل على انكساره وكأس الخمر التي تقترب  يده لها بدون معرفة مسبقة بينهما 

في صحتك يا وطن 

كم كان العنوان لافت للنظر آسر للقلب يوحي بالحزن وكم كان موفقاً للغاية الكاتب في اختياره تكاد تجد نفسك تردد كلما آلمتك أحوال الوطن هذه الأيام .. في صحتك يا وطن 
عندما تشعر بالعجز أنك لا تستطيع أن تغير من حال الوطن الذي يسكنك وتسكنه 

الاهداء " أهديها لوطن رحل لعله يهديني وطن يبقى " ز

من أجمل الاهداءات التي قرأتها فنحن نكتب لتكون كلماتنا لنا وطنا نسكن اليه وهذا صحيح لحد بعيد فالكاتب في رايي كفر بالوطن الأرض وجعل كلماته وطناً له 

قرأت الرواية على مرتين عندما بدأتها كنت أريد أن أنام ووجدتني أقاوم النوم لأنها أخذتني بعيداً وكأني أرثى لحالى مع كل كلمة فيها وكأنها تحكي أوجاع الوطن وكأن الوطن يستنجد بنا بينما نحن ننهزم أمامه 

الرواية بها من الحليات اللغوية الكثير ولو أن الكاتب لم يكن يحتاج لكل هذا الزخم من التعبيرات لأن حبكة القصة قوية لا تحتاج الى تزيين بكلمات قوية .. تجد في الرواية جمل كثيرة للإقتباس كل جملة حكمة تلخص مرار الأيام 
مثل :
" لا داعي للأسماء .. فبعض المارين بحياتنا يتركون ندبات وجراحا تغني عن ذكر أسمائهم " ز

جاءت الرواية في خمسة فصول هي محطات رئيسية تنقلك من حال لآخر بنعومة . الشخصيات محكمة المعالم وواضحة التركيب النفسي ومنطقية وتسلسل الأحداث وترتيبها سلس وغير مربك بينما المكان والزمان كان يحتاجا ذكر بعض التفاصيل لتستطيع أن ترى بعين الكاتب .أثناء القراءة تشعر وكأنك عاصم بطل الرواية وكأنك تتحرك بدلا عنه قد يكون لأن القصة تعبر عن معاناة كل شباب وشابات مصر 

القصة بها قصتي حب متوازيتين حب الوطن وحب القلب والقصتين يتركا جرحاً غائراً في القلب عند القراءة والنهايتين فيهما افتراق 

 حتى الجزئية التي وصف فيها التقاء الحبيبين حملت معاني أهم كثيرا من مجرد سرد لحظة عشق 
الرواية تجسد كيف يسحق الوطن أرواحنا ويحيل قلوبنا لصخور جامدة تفقد الاحساس من شدة القهر والظلم .. بعد قراءتي لتلك الرواية عزمت على محو كل من أساء لي كل قصة حب ارهقتني حزناً وألماً خفت على قلبي أن يتحول لصخرة عاتية لا ينبض بعدها أبداً 
القصة لو كانت مستندة لأساس واقعي فإني أكاد أجزم أن قلب كاتبها قد احترق حد التفحم ولا أمل أن يعود لينبض لحب وطن أو أنثى 
لم تبكيني رواية من قبل .. قد تكون دموعي من شدة القهر الذي يعانيه بني وطني وقد تكون دموعي لأني أصبحت أكره الوطن لم يعد لي وطن .. لم يعد لي وطن 

ألم أقل لك إنني إمرأة موعودة بقوافل الرحيل 

 كم آلمتني تزامناً مع الأحداث الحالية في ما كنت أسميه وطن قصة الشاب الذي حطمه الوطن فيها اعتقد انها حقيقية بشكل او بآخر وكتبت بدماء من عايشوها وليس بكلماتهم تلك القصة ان كانت واقعية فكل من عايشها سيبقى بداخله جرح يلعن بسببه الوطن كل يوم .. الحب عبودية في رأيي سواء للوطن أو لشخص والكل ببساطة لا يستحق .
الرواية تستحق أن تقرأ كل ما فيها ستجد نفسك حتما بين سطورها وفي أقسى معانيها 
ستجد ماضيك وحاضرك وأتمنى أن يغيب عما فيها مستقبلك 
في صحتك يا وطن 

8 comments:

  1. سعيدة جدا ان كتبتي
    اعتقد انه تحليل رائع مشجع جدا لقراءة الرواية
    خصوصا انك كمان علقتي على تفاصيل مهمه لكنها بتفوت علينا اوقات من غير ما نقف عندها

    مستنية بقى كل يوم تدوينة :)

    ReplyDelete
  2. :) ان شاء الله مش أنا سلحفاة بس حكسب الارانب بجد الكتاب رائع حبقى اديهولك لما نتقابل

    ReplyDelete
  3. من الروايات التي لها ذكرى غالية على قلبي ، فلقد جاءتني من مصر لغزة ممهورة بتوقيع الجيزاوي بنفسه

    كم كنت سعيدة بقراءتها واقتنائها

    شكراً لك يا أسما على هذه التدوينة والتي أتمنى أن اكتب مثلها يومًا ما عن الرواية

    ReplyDelete
    Replies
    1. أمتياز عزيزتي
      الرواية تحكي أوجاعنا العربية كلنا وسبحان الله انها وصلت لك ده شئ يفرح بأن الكلمات لها أجنحة تصل بها لأبعد الأماكن

      سماح

      Delete
  4. لم أقرأ الرواية فلا أستطيع التعليق عليها تماماً
    لكن أعجبني جداً عرضك لها :)

    ReplyDelete
    Replies
    1. أشكرك يا رضوى وهذا هو مبتغاي من عرض التحليل للرواية حتى أني حالوت ألا أسرد أحداثها لتظل بجمالها لمن أراد أن يقرأها وهذه هي الفكرة ان اعرض لأصدقائي الكتب الجيدة التي اقرأها ليستمتعوا بها كما استمتعت أنا
      دمت بخير مرورك أسعدني
      تحياتي

      Delete
  5. ريفيو رائع
    اشكرك عليه بصدق
    اعجبنى طريقتك فى تناول اشياء يغفل عنها الكثيرون مثل الغلاف وطبيعة الورق والكتابة ناهيك عن رؤيتك لروح العمل وجوهره وتوصلك للخطين المتوازيين بين عشق القلب والوطن والخيبة فيهما
    تحياتى وامتنانى

    ReplyDelete
    Replies
    1. التحية الواجبة لكل من ساهم في اخراج هذا العمل القيم للنور بهذا الشكل أحيانا جواهر ثمينة توضع في قوالب غير مناسبة لها لكن هذه الجوهرة وضعت تماما في الاطار المناسب لها مما اظهر بريقها
      التحية والامتنان لك يا محمد من زمان مقرتش حاجة بالجودة ديه حقيقة
      سماح

      Delete